pregnancy

الصهيونية العائق الأكبر


 
الصهيونية العائق الأكبر بقلم: الأستاذ أحمد الفراك

مقدمة:
ننطلق في هذا الموضوع من معطيين اثنين نعتبرهما أصلين للنظر في قضيتين اثنتين نعدهما متلازمتين، فأما المعطيان فهما أولا مُعطى الوحي المقدس المتمثل في التنزيل الحاكم المهيمن، أي القرآن الكريم وما يحمله من حُكم إلهي على صنفٍ مِن خلْق الله عقوا الأنبياء وخانوا الرسالة وضيعوا الأمانة. وثانيا معطى الواقع الكوني الذي تشهد الإنسانية أحداثه تبعا لما اكتسبه الناس ويكتسبونه من فعال وما يترتب عليها من جزاء في حياتهم الدنيا وفي الآخرة. وأما القضيتان فأولاهما مسؤولية العالم الغربي عن تأسيس ودعم الفكر والفعل الصهيونيين، وثانيهما تأثير هذا الفكر الصهيوني- ومعه النصرانية المتطرفة في تأثيل العقل الغربي ومسخ السياسة الغربية، والنتيجة كراهية دولية تعيق قيام تواصل وتعايش إنساني ينعم في ظله الإنسان كإنسان مكرم.
قبل ذلك نتساءل: ما معنى الصهيونية؟ وماهي أسسها الفكرية والعقدية؟

مفهوم الصهيونية
الصهيونية حركة يهودية عنصرية متطرفة تأسست سنة 1897 لتعبر عن رغبات وتلخص طموحات اليهود في العصر الحديث، وفي مقدمتها: رغبة العودة إلى ما يسمونه: "أرض إسرائيل" (Zionism)، وسميت بالصهيونية نسبة إلى جبل صهيون الذي يقع جنوب بيت المقدس. وتتلخص مهمة هذه الحركة في تنفيذ المخططات الاستعمارية المرسومة لإعادة مجد بني إسرائيل وبناء الهيكل (زعمًا أنه هيكل النبي سليمان عليه السلام)، ثم إقامة مملكة إسرائيل الكبرى التي تمتد إلى نهر النيل، والسيطرة من خلالها على العالم تحت ملك يهودا المنتظر!
فهي إذن حركة عقدية سياسية تُجسد قمة تمكن "داء الأمم" من قلوب غالبية بني إسرائيل، وداء الأمم هو"الأشر والبطر، والتكاثر والتناجش في الدنيا، والتباغض والتحاسد حتى يكون البغي"، وتشكل الصهيونية في أرض الواقع الجهاز التنفيذي "الشرعي" والرسمي لليهودية العالمية . وفي كتابه الفريد "سنة الله" يعتبر الأستاذ عبد السلام ياسين أن "منبع الصهيونية وأصلها هو الشعور المكبوت بالانتماء والصمود التاريخي والحنين الدائم إلى العودة لأرض "الميعاد". الصهيونية نُقلة نوعية من ذهنية اليهودي الخامل في بلاد الشتات، المتجمع حول الأحبار وأسفارهم، الحالم بنـزول المسيح "الماشيح" كما يقول العبرانيون إلى الأرض ليخلص "شعب الله المختار". نقلة من تلك الذهنية إلى ذهنية اليهودي الفاعل المتحرك المنظم. الصهيونية تشخيص عملي لفكرة العودة وإحياء القومية اليهودية التي كانت تدور لآلاف السنين في أذهان بائسة حاقدة محتقِرة للعالم محقورة" [1]
وفي الموسوعة الحرة: "الصهيونية حركة سياسية يهودية تدعو إلى تكوين أمّة يهوديةً وتنادي بحق هذه الأمة بتكوين كيان لها على أرض إسرائيل التاريخية". حيث تركّزت جهودها منذ 1917 على أرض فلسطين الإسلامية العربية لإنشاء وطن قومي عنصري، وفي سنة 1948 تم تنازل الاستعمار البريطاني عن السيادة والسلطة بخطة مدروسة مسبقا للعصابات الصهيونية المنظمة التي اشتهرت بالعنف الأعمى: الاغتيالات والمذابح والتهجير والتعذيب ومختلف أنواع الوحشية والهمجية.... ويشبِّه بعض اليهود الحركة الصهيونية بإله الهنود العظيم "فشنو" الذي له مائة يد، (إشارة إلى تجدر عقلية النفوذ والسطو والابتزاز). ففي القرآن الكريم يقول الله تعالى: " ﴿ وأمددناهم بأموال وبنين﴾ . أمدهم الله –ابتلاء- بالقدرة على الدهاء وجمع الأموال واكتنازها واستثمارها، ومن يجهل اليوم أو ينكر أنها تبسط سلطانها على أغلب الأجهزة الحكومية في العالم وتملك تأييدها وتضمن تبعيتها، وتعمل دوما على توجيهها للعمل داخليا وخارجيا بما لا يتعارض مع المصلحة اليهودية، حتى أضحت الصهيونية هي قطب رحى الحراك السياسي والاقتصادي العالمي.
من وعد بِلْفورَ والمَسرى لهم هدفٌ
والقدس والمسجد الأقصى لهم غَرَضُ
حتى إذا جاء وعد الخبِّ مَوعده
كانت لهم دولة "سحقا لمن رفضوا

فما هي الأصول الفكرية للصهيونية باعتبارها -في نظر الأستاذ عبد السلام ياسين [2] - "غدة مَرَضية في جسم البشرية"؟ وما هي مسؤولية الدول الغربية على نشوء وتطور الحركة الصهيونية؟ وما هو تأثير المذهبية الصهيونية على الساحة السياسية والمالية والفكرية الغربية والعالمية؟ وكيف تمالأت النعرة الصهيونية على أرض فلسطين خاصة وعلى الأمة الإسلامية عموما؟

الأصول العقدية والفكريةالمؤسِّسة
يقال أن أول من استعمل مصطلح الصهيونية هو المفكر والكاتب اليهودي نتان بيرنبويم (1864- 1937)، مقتبسا المصطلح من اسم جبل (صهيون) للإشارة إلى الحركة التي تؤيد عودة الشعب اليهودي إلى أرض فلسطين وتحقيق أحلامه وأُمنياته. [3]
تجدرت الفكرة الصهيونية منذ مئات السنين، ببروز مجموعة من الحركات السياسية اليهودية تعبئ اليهود عقديا من خلال المناداة بالعودة إلى أرض "إسرائيل"، وكانت هذه الحركات تثير الحماس في نفوس اليهود وتعدهم باقتراب موعد الخلاص، وتحرضهم على الاستعداد للهجرة، مستغلة بعض الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي كان يمر بها اليهود في الدول التي حلوا فيها. "كانت الشعائر والطقوس والعصبية العرقية جامعا ومدرسة لإحياء الشعور بالانتماء".
تـراكـم
استمر الجدل والنقاش بين التيارات اليهودية وحُشرت بذاك الصدد كل الحكايات الشفهية والمكتوبة والأساطير والأشعار والتواريخ وإخضاعها لنوع من التفسير والتأويل يهيئ المجرى لتكوين وعي يهودي جديد يقوم على فكرة استيطانية عنصرية إقصائية تسمى الصهيونية. نذكر من الحركات التاريخية التي مهدت لظهور الصهيونية: حركة المكابيين التي أعقبت العودة من السبي البابلي (586 - 538م)، وحركة باركو خبا (118 - 138م) وحركة موزس الكريتي وحركة دافيد روبين وتلميذه سولومون مولوخ (1501م- 1532م) وحركة منشه بن إسرائيل (1604 - 1657م) وهي النواة الأولى التي وجهت خطط الصهيونية وركزتها على أساس استخدام بريطانيا في تحقيق أهداف الصهيونية، وحركة شبتاي زفي (1626 - 1676) الذي ادعى أنه مسيح اليهود المخلص فأخذ اليهود يستعدون للعودة إلى فلسطين. وحركة رجال المال التي تزعمها روتشيلد وموسى مونتفيوري وكانت تهدف إلى إنشاء مستعمرات يهودية في فلسطين كخطوة أولى لامتلاك الأرض ثم إقامة دولة اليهود. والحركة الفكرية الاستعمارية التي دعت إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين في بداية القرن التاسع عشر. ثم حركة صهيونية عنيفة قامت إثر أحداث 1882 روسيا، وفي هذه الفترة ألف هيكلر الجرماني كتاب بعنوان "إرجاع اليهود إلى فلسطين حسب أقوال الأنبياء"...
وتعززت مطالب هذه الحركة بكتابات مجموعة من الحاخامات (أمثال يهودا حي القلعي (1798-1878) والحاخام تسفي هيرش كاليشر (1795-1874) وغيرهما) الذين دعوا إلى هجرة يهودية في مطلع القرن التاسع عشر إلى أرض فلسطين وإقامة مستوطنات ووضع الأُسس الثابتة لتجديد مُلك اليهود.
فتكاثرت الأصوات اليهودية التي تنادي بوجوب التميز والاستقلال الحضاري والثقافي للجنس اليهودي باعتبارهم أقلية قومية لها ميزة خاصة من دون الأمم الأخرى على وجه الأرض، فهم -في زعمهم- "الشعب المختار" المتفوق، أما باقي الشعوب فمجرد خُدام للسيد اليهودي المنتفخ علوا وحقدا وكراهية... ويندى الجبين مما تحمله صفحات التلمود من بهتان وسوء أدب مع الله تعالى ومع أنبيائه ورسله عليهم السلام جميعا، فبالأحرى مع باقي الناس، ناهيك إن كان هؤلاء الناس من أتباع النبي الخاتم الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة، محمد صلى الله عليه وسلم وعلى إخوانه الأنبياء والمرسلين.
إلى أن قام تيودور هرتزل بالدعوة إلى عقد أول مؤتمر خاص باليهود سنة 1897 في مدينة بازل بسويسرا. وبتلك الدعوة اعتُبر هرتزل المؤسس الحقيقي للحركة الصهيونية فكراً وممارسة. والواقع أن هرتزل قد اقتنع بعد اطلاعه على مجريات الأمور والأحداث السياسية الدولية أنّه يجب الاعتماد على دولة كبيرة ذات نفوذ واسع لتأمين الأرض والاستيطان للصهيونيين، فحاول مع السلطان العثماني ومع القيصر الألماني نيل الدعم اللازم من أجل تحقيق المشروع الصهيوني ولكن محاولاته لم تكن ذات جدوى. إلا أن هرتزل لم ييأس من متابعة المحاولات فأجرى اتصالات مع القيصر الروسي ومع البابا ومع شخصيات سياسية عالمية أخرى، إلا أن ما أراده لم يتحقق في عهده. لكن احتيالاته الشيطانية جعلت المسألة اليهودية في مقدمة القضايا التي تلفت اهتمام الدول العظمى وتدفعها إلى اتخاذ قرارات مصيرية لمساندة الفكرة والقضية ودفع الدعم المادي والمعنوي لتجسيد تلك القرارات في وقائع ميدانية على أرض فلسطين، وبالفعل استطاع هرتزل ومن معه ومن جاء بعده وفي مقدمتهم "حاييم وايزمان" بالحصول على "وعد بلفور" المشئوم في 1917.
الصهيونية الحديثة
مرت الصهيونية بمراحل كثيرة منذ القرون الأولى قبل ظهور الديانة النصرانية وبعدها وقبل ظهور الإسلام وبعده، وكانت مهمتها في المراحل الأولى تحريض اليهود على الانتفاض والعودة إلى أرض فلسطين وبناء هيكل سليمان، وتأسيس مملكة إسرائيل الكبرى، وحــوك المؤامرات والمكائد ضد الأمم والشعوب الأخرى التي لا تتفق مع طموحات اليهود شعب الله المختار.
في سنة 1806 ظهرت بوادر ما عُرف بالصهيونية الحديثة حين اجتمع المجلس الأعلى لليهود بدعوة من نابليون -لاستغلال أطماع اليهود وتحريضهم على مساعدته - ثم حركة هرتزل التي تمخضت عن المؤتمر اليهودي العالمي في مدينة بال بسويسرا سنة 1897م والذي قرر فيه أقطاب اليهود مايسمى ب "بروتوكولات حكماء صهيون" وهو المخطط اليهودي للاستيلاء على العالم ومن هذا المؤتمر انبثقت المنظمة الصهيونية الحديثة. والتي تحددت أهدافها في عملين كبيرين هما:
أولا: عمل عقدي ويتلخص في:
1- إحياء النعرة القومية والعقدية في أوساط اليهود بمختلف طوائفهم وفي جميع أنحاء العالم من أجل تكوين جبهة موحدة تتصدى للأديان الأخرى والشعوب غير اليهودية، خاصة المسلمة.
2- حفز وتشجيع الإنسان اليهودي على الهجرة إلى فلسطين، حيث يسمونها "أرض الميعاد".
3- دعوة اليهود إلى التمسك بتعاليم التلمود ووصايا الآباء والأجداد، ومنها الإنفاق بسخاء على تأسيس واستمرار "دولة إسرائيل".
ثانيا: عمل سياسي ويتلخص فيما يلي :
1- السعي إلى تهويد شعب فلسطين، وذلك بتشجيع هجرة اليهود من جميع أنحاء العالم إلى فلسطين وتمويل هجرتهم وتنظيمها، وتأمين وسائل الاستقرار النفسي والمادي والاجتماعي، وذلك باستحداث مستوطنات لقيطة داخل أرض فلسطين، وتوطيد الكيان اليهودي الناشئ في فلسطين سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.
2- الضغط على دول العالم واستعطافهم لانتزاع شرعية وجود دولة صهيونية في قلب العالم الإسلامي العربي، وإن رفض شعب فلسطين وباقي الشعوب المسلمة، وذلك باستعمال مختلف الإكراهات على أكثر دول العالم لضمان شرعية الفكر الصهيوني دوليا، ففُرضت إسرائيل على العالم أجمع، وعلى المسلمين على وجه الخصوص. لذلك تحرص الصهيونية على القيام بدور رئيس في دفع أمريكا وبريطانيا وروسيا وأكثر الدول في أوربا إلى حماية الكيان اليهودي سياسياً وعسكرياً ودعمه اقتصاديا وثقافيا...
3- وضع خطط استراتيجية لتجميع الطاقات والإمكانات وتوحيد الجهود بين جميع الهيئات والمنظمات والمؤسسات الاقتصادية لتقوية الكيان الصهيوني وتعميق نفوذه في العالم. مع متابعة وتنفيذ هذه الخطط بالتفصيل خطوة بخطوة، ووضع الوسائل الكفيلة بالتنفيذ السريع والدقيق، ثم التهيئة لها إعلاميا وتمويلها اقتصاديا، ودعمها سياسياً.
لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل
ذكر الأستاذ عبد السلام ياسين في كتابه "سنة الله" أن اليهود لا يخفون عقائدهم المنحرفة البعيدة عن روح الدين والتدين والعبودية لله تعالى، والبريء منها العقل المنطقي والحس السليم، ولا يتورعون من البوح بما يتنافى كلية مع الفطرة السليمة، ففي أحد كتبهم الدعائية المنشورة عقب الحرب العالمية الثانية تحث عنوان "مظاهر للعبقرية اليهودية" [4]
يعتبرون الشريعة المكتوبة في الألواح التي جاء بها موسى عليه السلام "غامضة مقتضبة غير تامة". وأن صحف موسى تفاجئ القارئ بـِ "الصمت المطلق حول بقاء الروح وحول الحياة بعد الموت"، وأن شروح المتأخرين "أصبحت شريعة جديدة أتم وأدق وأوضح من الشريعة القديمة. هذه الشريعة القديمة نُحيت إلى المرتبة الثانية" لما اختلطت بالثقافة اليونانية والقانون الروماني وعناصر أخرى منها الخرافة والأسطورة والأهواء والأكاذيب... "لذلك فالقانون المدني التلمودي مطبوع في كل جزئياته تقريبا بطابع القانون الروماني وروحه" [5]
يهاجم اليهود النصرانية والإسلام بمثل قولهم: "الحضارة الغربية المحملة بقيم نصرانية والحضارة الشرقية المحملة بقيم إسلامية تولدت، بتناسل هجين، من الترعرع القوي العنيف لنبتتهما على مستوى الأرض". ويعتبرون أن التلمود هو العلم الصارم وهو العهد الجديد، ويسمون وحي الأنبياء شعرا !!! (قلت: وماهو بشعر) لذلك رفضوا إتباعهم والائتمار بأمرهم والانتهاء عند نهيهم. بل سخروا منهم واستهزؤوا بهم وقاتلوهم وقتلوهم، قاتلهم الله أنى يؤفكون.
جزاء على طبيعة أفعالهم وتصرفاتهم وأخلاقهم عاملهم الله تعالى وحكم عليهم، و لخص لنا علة غضبه عليهم بقوله جل وعلا: ﴿ لُعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى بن مريم، ﺬلك بما عصوا وكانوا يعتدون. كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لبيس ما كانوا يفعلون. ترى كثيرا منهم يتَوَلَّون الذين كفروا، لبيس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخِط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون. ولو كانوا يومنون بالله و النبئ و ما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء، ولكن كثيرا منهم فاسقون. لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا، ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى، ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون﴾ [6]
للإنصاف
درءا لآفة التعميم لا بد من الإشارة إلى أنه لا يصح التطابق بين اليهودية والصهيونية، يقول الأستاذ ياسين: "ولئن غضب الله عز وجل على اليهود جُملة فإنه استثنى حيث قال عن أهل الكتاب، واليهود منهم: " ﴿ منهم أُمة مقتصدة، وكثير منهم ساء ما يعملون﴾ ، أُمة مقتصدة أي معتدلة. وقال تعالى: ﴿ ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يَعْدِلون﴾ سورة الأعراف...[7]
ولعل هذا ثابت في عصرنا أيضا إذ ماتزال قِلة من اليهود تُعارض المشروع الصهيوني الاستيطاني ولا توافق على إنشاء كيان خاص باليهود بالغصب والغدر والعنف، فبالأحرى أن يكون استعمارا جهنميا وحشيا يقتل الأطفال والشيوخ ويُرمل النساء ويهدم البيوت على أهلها ويُجرف الأراضي ويطرد أهلها منها، ومن اليهود دعاة سلام يعلنون شجبهم وتنديدهم بما تقترفه أيادي الغدر والخيانة والظلم في أهل فلسطين وفي أرض فلسطين.
لكن الديماغوجية الصهيونية أوقعت اليهود في المعاناة من داء يسميه الدكتور المتخصص في الدراسات الصهيونية عبد الوهاب المسيري رحمه الله ب "عدم التجانس" حيث أنهم يتشكلون من عشرات الهويات والانتماءات الدينية والإثنية والطبقية، فمنهم اليهود "اليديشية" وهم المتدينون الذين يعرفون يهوديتهم على أساس ديني، ومنهم من تمت علْمنته ويعرف يهوديته على أساس إثني، وهم بقسميهم موجودون في انجلترا وأميركا والأرجنتين وجنوب إفريقيا، ويتحدثون اللغة اليديشية.
حقيقة وواقع
بين القرآن الكريم أن حال العداء بين المسلمين واليهود مصدرها اليهود وليس المسلمون. فلم يقل إن المسلمين يناصبون اليهود العداء، وإنما أكد بأن اليهود هم الذين يناصبون المسلمين العداء. فقد قال عن اليهود أنهم الأشد عداوة للذين آمنوا، ولم يقل أن المؤمنين هم الأشد عداوة لليهود. إذن منذ القدم، والمسلمون لا يستعدون اليهود بل اليهود هم الذين يستعدونهم وينقضون العهود والمواثيق ويتلبدون على المسلمين. وهكذا في العصر الحديث، وفي كل الأزمنة. "منذ عهد الإغريق والرومان إلى عهد فورد الأمريكي الرأسمالي لاحظ الناس أن اليهود حافظوا على خصوصيتهم من دون الناس. في كل زمان ومكان احتفظوا بشخصيتهم وثقافتهم وديانتهم." [8]
لم يعتد المسلمون على اليهود، بل اليهود هم الذين شنوا حربا وأشعلوا الفتن وما يزالون يشعلونها، وإلا فمن جاء لفيفا وتقاطر على فلسطين من كل أصقاع الدنيا (روسيا والأرجنتين والمغرب وأمريكا وغيرها) مدججا بالأسلحة الفتاكة فاقتلع الآمنين من ديارهم وحل محلهم فيها، حتى وجد الشعب الفلسطيني نفسه مشردا، واضطُر للمقاومة في حال الدفاع عن النفس، وكان قدر مئات الألوف منه أن يهيموا لاجئين داخل الأرض المحتلة أو في الجوار العربي الضعيف والمُقسَّم، ومع الزمن تكاثر هؤلاء ولا يزالون، بعد ستين سنة على نكبة 1948، لاجئين يعانون شظف العيش في حياة بائسة يفتقرون فيها إلى أدنى مقومات العيش الكريم. والعالم يتفرج أكثر من ستين سنة ياحسرة !
لكن من اليهود من راعه ما تُقدِم عليه العصابات الصهيونية من تقتيل واغتيال وظلم شنيع فاستنكر وتبرأ واعتبر أن السياسة اليهودية تتعارض رأسا مع شريعة موسى، بل ومع جميع الديانات والشرائع. يقول الأستاذ ياسين: "الشاهد الحاضر معنا الملاحظ أن من اليهود قلة اليوم لا تتفق مع المشروع الصهيوني ولا تعترف بالدولة اليهودية" [9] ، يذكر من اليهود الرافضين للصهيونية الحاخام نيوزنر صاحب كتاب "اليهودية الأمريكية" الصادر سنة1972 ، والذي يحذر من الخلط بين الصهيونية واليهودية، ويري أن النزعة الصهيونية أخذت تعوض تدريجياً الدين اليهودي، حتى استولت على الخطاب الديني اليهودي وعلى رموز اليهودية الدينية، ولذا يعتقد الكثيرون -غلطا- أن الصهيونية واليهودية شيء واحد.
من اليهود من يؤنبهم الضمير فيبوحون بمقاصدهم في الحياة، ونواياهم في الوجود، ويؤكدون للعالم أن اليهود هم جرثومة الفساد في الأرض. "في مقدمة كتاب: "المغزى العالمي للثورة الروسية" كتب الدكتور اليهودي أوسكار ليفي يقول: "نحن الذين قدمنا أنفسنا للعالم على أننا منقذو العالم. نحن الذين زعمنا للعالم أننا أعطينا الإنسانية "منقذاً" (يقصد المسيح عليه السلام). نحن لسنا اليوم إلا المُغْرِين للعالم، والهادمين له، والمحرقين له، والقاتلين(...) نحن الذين وعدنا العالم بأن نرشده إلى جنة جديدة، نحن قدناه إلى جحيم جديد(...) لم يكن هنالك أي تقدم، وبالأخص التقدم الخلقي(...) وما عاق التقدم الخلقي للبشرية إلا أخلاقياتنا. وأقبح من ذلك أن أخلاقيتنا تتعرض في طريق إعادة بناء عالم محطم بناء مستقبليا طبيعيا. إني أنظر إلى العالم وأرتعد لهول ما أرى. ويزداد رُعبي أنني أعرف الآباء الروحيين لهذه الفظائع" [10]
تحريف وانحراف
أورد الأستاذ ياسين تعليقا لابن حزم يكشف بعض مظاهر التحريف التي ألحقها اليهود بالكتاب المنزل على سيدنا موسى عليه السلام، كما أورد نصوصا من كتابٍ "مظاهر للعبقرية اليهودية" تظهر بجلاءٍ تحلل الصهاينة وتملصهم من عقيدة الآباء والأجداد الأصلية مقابل انفتاحهم على الفكر الإلحادي الذي لا يعبأ بالموت و بما بعد الموت، بل وصل بهم الأمر إلى القول بأن : إن الشريعة المكتوبة في الألواح التي جاء بها موسى عليه السلام غامضة مقتضبة غير تامة [11]
وأن صحف موسى تفاجئ القارئ بـ "الصمت المطلق حول بقاء الروح وحول الحياة بعد الموت" [12] ، ولبيان السخافات التي يحتوي عليها التلمود (بشقيه: الهلكة والحقدا) أورد الأستاذ ياسين نصوصا موثقة نذكر منها:
- "أعطى الله لليهود السلطة على ممتلكات كل الشعوب ودمائها" .(سفرج ب،92،1)
- "إنه عمل صالح أن يستولي اليهودي على ممتلكات أمّي" . (سلخان أروش).
- "إن الذين يحسنون إلى النصارى لن يبعثوا من بين الأموات أبدا" . (زُهَار1، 25ب)
- "بيوت الأميين بيوت حيوانات" . (لب. طوب. 46، 1)
- "رغم أن شعوب الأرض تشبه اليهود في المظهر، فهي في الحقيقة بالنسبة لليهود كالقردة بالنسبة للإنسان" . (شين لوكوهوط هابرت)
- "كل النساء غير اليهوديات زانيات" . (ابن حيزر)
- "يمكن لليهـودي أن يغتصب بنت ثلاث سنوات من بنات الأميـين" . (أبودا شارا 37أ.) [13]
وهكذا تحولت التوراة مع تأويلات الأحبار اللامتناهية إلى "تاريخ قومي وأخلاق".
دولة إسرائيل ومسؤولية الغرب التاريخية
بموجب قرار اتخذته عصبة الأمم ثَم فرض ما سمي بـِ "الانتداب البريطاني" على فلسطين سنة 1922، وقسمت بموجبه أرض فلسطين، وعومل الغرباء اليهود بحفاوة واهتمام خاص وهم الذين لم يتجاوز تعدادهم الـ"7%" حسب إحصائيات الأمم المتحدة، فقسم القرار غير العادل فلسطين بالتساوي بين اليهود والسكان الأصليين بعدما شكل وعد بلفور سنة 1917، الركيزة الأساسية في تنفيذ المشروع الصهيوني، حيث أشار الوعد إلى أن الحكومة البريطانية "تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين"، وأنها "ستبذل غاية جهدها لتحقيق هذه الغاية".
أنظر: عبارة "تنظر بعين العطف" وكأنها تتحدث عن طفل صغير مدلل يرغب في أن يصير كبيرا وأن يكون أسدا ضاريا يصول ويجول دون حسيب ولا رقيب ! و"تأسيس" أي المشاركة التامة والمسؤولية الكاملة في وضع الأسس لوطن جديد خاص باليهود بغض النظر عن كون الأرض أرض الغير والشعب شعب يدين بالإسلام ويرفض الاستعمار.
ووافق الكونغرس الأمريكي في نفس السنة على قرار الانتداب تحت يافطة "ضرورة إنشاء وطن قومي لليهود"، واستمر في دعم إيجاد وإمداد الكيان اليهودي إلى اليوم سرا وعلانية.
كان الصهاينة على وعي منذ البداية بأن خطتهم مرفوضة مطلقا من طرف سكان الأرض المسلمين ومن طرف الجيران، لذلك عَوَّلوا على التدمير والتقتيل والتهجير، وسخروا كامل طاقتهم وطاقة حلفائهم وخاصة الاستعمار البريطاني للقضاء على مقاومة أهل الأرض. وقاموا بقمع أي محاولة تعبير عن النفس والمطالبة بالحقوق مما ولد مقاومة شعبية عرفت أشكال متعددة من النضال للتخلص من المشروع الاستيطاني فكانت منها ثورة 36 الشعبية التي قوبلت بوحشية أصبحت لاحقاً نموذج التعامل العنصري المستمر ضد الشعب الفلسطيني المسلم، فحملت الحمية الاستيطانية البريطانيين على تقديم الدعم اللامحدود للحركة الصهيونية والتمهيد للاغتصاب الكبير في 1948.
أورد صاحب كتاب "ثمن إسرائيل، كتاب أسرار المؤامرات الصهيونية في أروقة الأمم المتحدة" [14] أنه "في سنة 1945، اتخذ الكونغريس قرارا آخر بالموافقة على فتح أبواب فلسطين أمام اليهود والسماح لهم باستغلال أقصى إمكانات البلاد الزراعية والاقتصادية" ليتمكنوا من المباشرة بحرية مطلقة في إعداد فلسطين لكي تصبح "وطنا قوميا لليهود"، وقد جاء قرار الكونغريس هذا أكثر شمولا من التعهد الوارد في وعد بلفور وصك الانتداب الذي أقرته عصبة الأمم" .
وتحقق المشروع الصهيوني سنة 1947 عندما اتخذت الأمم المتحدة قرارها رقم 181 الداعي إلى إنشاء دولتين في فلسطين، الواحدة يهودية والثانية عربية. وأما على أرض الواقع فنجح اليهود في الإعلان عن "دولتهم" اليهودية يوم 14 مايو 1948، وأخذت مختلف الدول المؤيدة لها بالاعتراف بها ومساندتها. أما الفلسطينيين فلا بواكي لهم.

قسوة القلوب
أرسل الله تعالى سيدنا موسى وغيره من الأنبياء الأطهار عليهم السلام إلى بني إسرايل ليدلوهم على الحق ويردوهم عن الباطل وينيروا لهم الطريق فأبوا إلا كفورا وإجراما، وقتلا وانتقاما، قست قلوبهم ﴿ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ﴾ [15] ، لا تؤثر فيها موعظة ولا تُنصت لوحيٍ من الغيب. فاكتُشف أن الجنس اليهودي "تركزت فيه كل معاني الجاهلية، وكل أسباب الفتنة، فهم الحضنة المتخصصون لداء الأمم، فهم المنتجون الرئيسيون له" [16] .
وقسوة القلوب تزين وتيسر الجرأة والجسارة على التحريف والتزوير والافتراء والإفساد، ولقد فضح القرآن الكريم خيانة الأمانة عند الأحبار والرهبان وذلك لما "كانوا يفتون بما يرضي الحاكم أو الراشي، يحملون أوزارهم وأوزار من ائتموا بهم" [17] .

تـآمـر
لا يتردد الصهاينة من عقد المؤامرات والتحالفات التي تجر لهم نفوذا وتمكنا، ولا يرفضون طلبا بالتآمر ضد المسلمين. يستعملون مختلِف الوسائل والأساليب الدبلوماسية والدعائية الماكرة لتصوير الغير خطرا يستوجب المواجهة، وعدوا يستحق الفناء، وفي عصرنا تفنن الحكام في التنسيق والتلبد مع الصهيونية ضد المسلمين، حيث "يتآمر اللاييكيون الحاكمون الخونة مع الجبهة الصليبية الصهيونية للإيقاع بالمؤمنين، وسفك دمائهم، وحشرهم في مقلاة الصحراء بالركان، واستخدام الآلة الإعلامية لتشويه سمعتهم، وتخويف الأمة منهم، وتصوير المؤمن والمؤمنة الخائفين من ربِّهما، المناهضين لعدو دينهما على أنهما البُعْبُع المتوحش" [18] .
تآمر آخر سجَّله القرآن وهو تواطؤ الأحبار والحكام ضد المستضعفين، بين السلطة الروحية والسلطة الزمنية سكوت متبادل وتلبد على خصم موحد. يتاجرون في الدين فيبيعون العفو والغفران للمذنبين و "من يدفع تُغفر ذنوبه، ومن يملك الثمن يشتري الغفران قبل الإقدام على الجريمة واستعدادا لها" [19] ، فأي دين يدين به هؤلاء؟ سوى الأنانية الماكرة. وأية قوة قادرة على ردع هذا التساند المُفسد الذي ما يزال مستمرا في أبشع صوره، خاصة مع دورة عتو المارد الأمريكي اليوم؟
أما أوربا فقد أفرزت ثالوثا لا إنسانيا خلال القرن التاسع عشر، الفكر العرقي العنصري، والفكر الهتلري النازي، والفكر الصهيوني اليهودي. و"العنصرية اليهودية العتيقة تجاوبت نِدا لِنِد مع العنصرية الأوربية، وقَلَّدتها، ونافستها. العنصرية والرأسمالية قوتان سياسيتان اكتنفتا ميلاد الصهيونية وكانتا لها جسما وروحا" [20] . وهاهو تاريخنا الحديث يسجل غض طرف أوربا عن جرائم إسرائيل في غزة وفي الضفة وفي لبنان للإشادة بديمقراطية اليهود الداخلية، وتبجح الرئيس بوش الثاني بكون الرئيس الوحيد المنتخب ديمقراطيا في "الشرق الأوسط" هو الإسرائيلي.
كتب الفيلسوف الفرنسي رجاء جارودي في كتابه الشهير" الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية" أنه "يوجد في فرنسا لوبي قوي مناصر لإسرائيل، يمارس نفوذه وتأثيره ...-لذلك- لم يتخلف أي مرشح لرئاسة الجمهورية الفرنسية، مهما كان انتماؤه الحزبي، من ميشال روكار إلى جاك شيراك، مرورا بميتران، عن الذهاب إلى إسرائيل ليحصل على المباركة والتغطية الإعلامية" [21]. وكذلك ساركوزي اليوم، ويعلم الله ماذا بعد.
أما منظمة الأمم المتحدة -يقول الأستاذ ياسين- "فلطالما أصدرت قراراتها بإدانة إسرائيل لتنقضها الولايات المتحدة ولتضرب بها الدولة العبرية عُرض الحائط معتبرة إياها مجرد أوراق تافهة. ولأن دولة يهود هي البنت المدللة لأمريكا البروتستانتية الهائمة بالأساطير التوراتية، فهي لا تتردد -مستقوية بجهاز دعايتها الأخطبوطي التنفيذ في أمريكا- في تضخيم أعداد ضحايا هتلر، مقتبسة من الخزان التوراتي المشترك مفاهيم معبئة مثل الخروج، والمحرقة، رافعة شعار "أرض بدون شعب لشعب بدون أرض" لتصبح فلسطين أرضا خالية، إرثا ضائعا استرده الشعب المختار" [22] ، وهاهو الرئيس الأمريكي اليوم يغازل "إسرائيل" وكذا الرئيس الفرنسي حين صرح بأن يده لن تصافح من يعادي إسرائيل وأن جده يهودي! بالرغم من احتجاج أكثر من مليار مسلم (باستثناء جُل حُكامهم).
لهذا يتساءل الأستاذ ياسين عن "جدوى الاحتجاجات والنقض الأمريكي كَنَسَ أكثر من ثلاثين قراراً أممياً يدين الدولة العبرية و يبدي استعداده لنقض كل قرار مماثل؟ ما جدوى الاحتجاج وقد أصبحت مكاتب البيت الأبيض أكثر سخاء نحو إسرائيل. الآن وقد تكاثر المستشارون اليهود في الإدارة الديمقراطية وتضاعف عددهم حتى تعذر إحصاؤهم؟"

تأثير الصهيونية – المسيحية في الفكرالغربي
قال الله تعالى: ﴿ لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا، ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى، ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون﴾ [23] انتقلت عدوى هذه العداوة والبغضاء المتجدرة في الشخصية اليهودية، ومضمون الثقافة الأسطورية المحرفة إلى الفكر الغربي وأنتجت أدبا نرجسيا يتمركز حول الذات اليهودية المتفوقة و"المتحضرة"، ويسوق التفاهة على أنها حداثة وإبداع، في حين يعتبر الحديث عن الدين والآخرة والإيمان حديث خرافة ورجعية، وفي أحسن الأحوال قضية شخصية!!! أما الأمم الأخرى فينبغي استعمارها ونهب خيراتها ليستفيد منها الإنسان المختار.

تـداخـل
معلوم أن أساس الثقافة اليهودية هو التلمود، وما التلمود إلا ثقافة الآباء والأجداد ورغباتهم وتأويلاتهم وشروح المفسرين التي اعتراها الخطأ والتحريف وأملت مضمونها المصلحة البشرية والحاجة العاجلة. وانتشرت الثقافة المحرفة –في أوربا خصوصا- وترسخت بفعل عامل الزمن وحرص اليهود على إظهار التفوق والأفضلية المطلقة على جميع أهل الأرض. ومع بداية تأسيس الدولة الأميركية في القرن السابع عشر حمل المهاجرون الأوروبيون معهم العقيدة البروتستانتية الأصولية التي تأثرت بالعقيدة اليهودية فحصل تزاوج وتجانس بين العقيدتين، أنتج ما أصبح يدعى ب "النصرانية الصهيونية Christian Zionism "، وتعني النصرانية التي تدعم الصهيونية وتقول بضرورة عودة الشعب اليهودي إلى أرضه الموعودة في فلسطين، وإقامة كيان يهودي فيها يمهد للعودة الثانية للمسيح وتأسيسه لمملكة الألف عام.
وتعود أصول هذا التنصر المُتصهين إلى فكر "تيار الألفية" (Millenarianism) وهو مذهب متطرف يعود إلى القرن الأول للنصرانية، والألفية هي معتقد ديني نشأ في أوساط النصارى من أصل يهودي، ومقتضاه هو الاعتقاد بأن المسيح عليه السلام سيعود إلى هذا العالم محاطا بالقديسين ليملك في الأرض ألف سنة، ولذلك سموا بالألفية.
والنصرانية نفسها نصرانيات، متخاصمة ومتعاندة، بل يُكفِّر بعضها بعضا ويخرجه من الملة، أشهرها الكاثوليكية والبروتستانتية، ثم الأنجلكانية، والأرثوذكسية، وغيرها. ف "البروتستانت يقرئون توراة اليهود مباشرة، ولا ينتظرون تفسير الكنيسة الرسمية. يجمعهم الكتاب مع اليهود في أصول العقيدة جمعا عميقا. والطوائف المذهبية في أمريكا تناصر الصهيونية مناصرة عقائدية وتدعمها بالمال والصوت والموقف.
فالتحالف "اليهودي المسيحي" ركن ركين في بناء النفسية المعادية للإسلام، "فبعد أن ساهمت حكومة فيشي خلال الحرب العالمية الثانية في اضطهاد اليهود، أقنعت فرنسا بأن عليها دينا تاريخيا يجب أن تؤديه للشعب اليهودي، كما لابد لهذا الدين أن يسدد بأي ثمن، وإن تطلب ذلك سحق المبادئ الديمقراطية التي ينافح الغربُ باسمها عن حقوق الإنسان. زعماً. كان لليهود دين على أوربا سيؤديه العرب" [24] .
ومن النصرانيات الصليبية التي تراجع مبادئها "الأرثوذكس والكاثوليك...، ويصدر البابا مراسيم يبرئ فيها اليهود من تهمة صلب المسيح عليه السلام. وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبِّه لهم." [25]، كل هذا الخليط صنع العقلانية الغربية ووجهها. والرأسمالية الأوربية وجدت حليفها في الوقت الذي كانت فيه اليهودية المرابية تبحث عن تحالفات مع الإمبراطوريات الكبرى لإنجاز مصالح مشتركة (العثمانية والألمانية وروسيا وملك ايطاليا والبابا...) وتحقيق تحالف صهيوني رأسمالي، وها هي أوربا اليوم "جسم يتمدد، هوية تستجمع قواها، تلم أطرافها لتستعيد أمجاد حقبة المجد الاستعماري...وفي أفق الوحدة الأوروبية ضم أوروبا الشرقية لتصبح أوروبا الكبرى ضعفي الولايات المتحدة حجم اقتصاد، وقدرة صناعة، وسعة سوق".
ولليهودية بالغ الأثر في العقيدة البروتستانتية، حتى حصل بينهما تحالف مقدس لا يقبل المساومة وتم التعبير عنه باسم النصرانية الصهيونية، وهي "النصرانية التي تدعم الصهيونية"، وترسخ هذا التحالف بهجرة الأوربيين البروتستانت بعقيدتهم المتطرفة خلال القرن 17 إلى أمريكا وحرصهم على التأثير في صناعة هوية الدولة الجديدة، وصبغها بصبغة التهود المُتَصهِين. وسمُي أصحابها ب "النصارى المتصهينين" المخلصين في دعم إسرائيل على جميع المستويات.
ودعت النصرانية الصهيونية Christian Zionism -قبل تأسيس دولة إسرائيل- إلى ضرورة عودة الشعب اليهودي إلى أرضه الموعودة في فلسطين، وإقامة كيان يهودي فيها، وتمثل فكرة عودة اليهود إلى فلسطين حجر الأساس في فكر النصرانية الصهيونية، لذا كانت فكرة إنشاء "وطن قومي لليهود في فلسطين" التي آمن بها البروتستانت قبل إيمان اليهود أنفسهم بها هي أهم ما يجمع بين الطرفين.

الصهيونية الأمريكية
بالرغم من اليقظة المبكرة لحكام أمريكا من الخطر اليهودي، حيث صاح الرئيس جورج واشنطون: "إنهم (اليهود) يعملون ضدنا عملا أجدى من عمل جيش العدو. إنهم أخطر من العدو مائة مرة على حرياتنا وعلى القضية العظمى التي تشغل بالنا... من المؤسف جدا أن لا تكون كل ولاية قد طاردتهم منذ أمد طويل بوصفهم أعظم جائحة اجتماعية وأكبر عدو عرفته أمريكا قط" . إلا أن أمريكا اليوم فاتتها العبرة من الدرس ووقعت في أسر الصهيونية العالمية التي تخطط لضمان أمن واستقرار الكيان الصهيوني وتعمل جادة على تمكينه وفق "جامعة يهودا". يقول الأستاذ ياسين: "ويغلط الناس حيث يظنون الكيان الصهيوني في فلسطين أداة سياسية عسكرية في يد الدولة العظمى تؤمن بها مصالحها. الناظرون في العمق يدركون أن العكس هو الصحيح. الدولة العظمى دولة مسكونة، سكنتها الروح اليهودية من قديم، فهي تحركها وتقيمها وتقعدها على الوتيرة التي تشاء، وفي الاتجاه الذي تشاء، وبالمقدار الذي تشاء، وفي الزمن الذي تشاء" [26]
من أواخر خططهم خطة الجنرال دايتون، التي جاءت لـ "تُطيح بحماس، وتفكيك كتائب الأقصى واستبدال قيادة فتح"...
أما الديمقراطية وحقوق الإنسان والشرعية فكلام يتبخر بانبعاث صدأ الحقدا والهلكا من قلوب عمتها القسوة، وتشبعت بالمبدإ العنصري السالف الذكر "ليس علينا في الأميين سبيل"، فالصهيونية تنكر على الشعوب الأخرى الاستفادة من قيمة الحرية وقيمة العدالة. لأنهم مجرد عبيد لا هوية لهم ولا حق، ولا تعترف بهذا الحق إلا لأبناء شعب الله المختار الذي أُبيح له سلب هذا الحقوق من كافة الشعوب باسم الرب، ففي التلمود: "عندما يظفر المسيح اليهودي بالسلطة على العالم يستعبد كل الأمم ويبيد النصارى". فالنزعة اليهودية القديمة والصهيونية الحديثة لا تستهدف وجود المسلمين فقط بل تتوعد البشرية جمعاء وتستهدف كل ما على الأرض التي هي ملك لبني إسرائيل. ويعتبر اليهود كل ما على سطح الأرض مِلك لهم وسُلب منهم، وبالتالي عليهم استرداده "سيقوم الرب ويقيس الأرض ويجعل الأممين تحت يد إسرائيل ويسلم جميع ممتلكاتهم لليهود". لهذا قال ولهلم الثاني قيصر ألمانيا: "إن اليهود أصل كل بلاء في العالم".
في محاضرة بعنوان "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية" نظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية ألقى كل من الدكتور ستيفن والت من جامعة هارفارد والدكتور جون ميرشايمر من جامعة شيكاغو في الولايات المتحدة، فأبرز والت في كلمته تأثير "اللوبي الإسرائيلي" في سياسات الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط مشيرا إلى طبيعة العلاقة التي تربط بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وأضاف أن هناك جماعات ضغط رئيسية تعمل على التأثير في السياسة الأميركية، مؤكدا أن "اللوبي الإسرائيلي ليس نوعا من أنواع الجماعات السرية، إنما هو جماعة ذات نفوذ تجمعها مصلحة مشتركة، وتعد نشاطاتها مماثلة لنشاطات الكثير من الجماعات الأخرى الموجودة في أميركا وتجمعها اهتمامات مشتركة". كما أوضح والت أنه لولا قدرة اللوبي على العمل بفاعلية داخل النظام السياسي الأميركي لكانت العلاقة القائمة بين إسرائيل والولايات المتحدة ستكون "أقل متانة" مما هي عليه اليوم، مشيرا إلى أن "اللوبي" يتألف من اليهود الأميركيين الذين يبذلون جهدا لإرغام السياسة الخارجية الأميركية لتعزز مصالح إسرائيل إضافة إلى نشاطاتهم المختلفة ومنظماتهم التي تؤثر على السياسة الخارجية الأميركية، مشيرا إلى منظمة "إيباك" التي تعتبر أقوى هذه المنظمات وأكثرها تأثيرا.
أشار ميرشايمر إلى أنه منذ عام 1973 قدمت واشنطن لإسرائيل مستوى من الدعم يفوق كثيرا الدعم الذي قدم إلى أي دولة أخرى، فقد كانت إسرائيل أكبر متلق للمساعدات الأميركية الاقتصادية والعسكرية. يقول الأستاذ ياسين: "اصطبغت الثقافة الأمريكية منذ نشأتها بالصبغة التوراتية اليهودية الألفية الصهيونية في تسمية الأماكن وفي رمزية الحياة والشعور والتعبير...واصطبغ نظام الحكم من أول خطوة بالصبغة اليهودية. قال "جون كوتون" وهو أحد الحكام الأوائل يقترح سنة 1636 نموذجا لدستور الحكم: "لقد فضلت التشريع الموسوي على ديمقراطية أثينا لأني أجد هذه المستوطنة أقرب ما تكون إلى مجد "إسرائيل"، وشعبها أشبه بشعب الله المختار"" [27]

خصَّهم الله...
اليهود الصهاينة من دون الناس "خصهم الحكيم العليم بخزي الدنيا والآخرة، وتأذن في كتابه العزيز، إعلانا صارما متلوا إلى يوم القيامة " ﴿ ليبعثَنَّ عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب﴾ [28] ، فهم الذين غدروا بالأنبياء وخانوا الرسالة ونقضوا العهود، وقالوا لسيدنا موسى عليه السلام: ﴿ فاذهب أنت ورُّبك فقاتلا إننا هاهنا قاعدون﴾ [29]، هم الذين حرفوا الوحي المنزل بكل جسارة ووقاحة، وتحايلوا في فهمه وتطبيقه، قال الله تعالى: ﴿ فبما نقضِهم ميثاقََهم لعنَّاهم وجعلنا قلوبَهم قاسيةً يُحرفون الكلِم عن مواضعه ونسُوا حظا مما ذُكروا به﴾ [30] . هم الذين قالوا: ﴿ ليس علينا في الأُمِّيين سبيل﴾ ، وما على الغوييم (غير اليهود) علينا من حق، حقُّهم هو الخضوع لليهود بالترهب والتخويف والتدمير وشراء الذمم "فخير النتائج التي يراد تحقيقها من التسلط على الغوييم بطريق الحكومة، إنما يكون بالعنف والإرهاب، لا بالمجادلات النظرية المجردة" [31]
ومن خصائصهم إمدادهم بالأموال والبنين، ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً﴾ [32] . "أمدهم العزيز الجبار سبحانه ببنين لا كالبنين. هم نخبة الفلسفة الغربية، وناشرو الثقافة، ومالكو الصحافة، وعباقرة الاختراع، والجاثمون حيث يصنع كل قرار سياسي تجاري صناعي" [33] . جمعوا بذكائهم واحتيالهم أموال الربا والسُّحت واستجداء العالم ودعم الحلفاء. في كتاب: "اليهود والرأسمالية المعاصرة" يقول البروفسور اليهودي فرنر زُومبارت: "ارجع إلى صفحات التلمود وستجد أن اليهود رفعوا الإقراض الربوي إلى مَقام الفن. منذ زمان بعيد تعلموا كيف يبحثون عن السعادة في تملك المال. لقد كشفوا كل الأسرار المختبئة في المال. لقد أصبحوا سادة المال وسادة الدنيا" .
وابتلاهم الله ببَنين أذكياء يعرفون من أين تُؤكل الكتف، "فهم أكثر نفيرا وصديقا وحليفا، إذ يكفي أن تسيطر الستة ملايين يهودي في الولايات المتحدة الأمريكية على أبناك نيويورك وشبكات الإعلام ونتائج الانتخابات وتوجهات الدولة، يقول اليهودي كاليكست دي فودسكي في كتاب: "روسيا اليهودية": "يجب على شعبنا أن يستولي على كل الجرائد في كل بلد".. فهم ينصرفون مباشرة إلى ما به تكون لهم السيطرة والحظوة والنفوذ في العالم، فتسربوا باحتيال إلى جميع مراكز القرار الدولية، حتى في "عقر دار المسلمين، لهم من بعض الحكام على المسلمين نصراء ونظراء ومعجبون" [34].
حصلوا من الدنيا التقدم العلومي والتكنولوجي والتنظيمي والديبلوماسي والعسكري، وقاموا بتهويم المسلمين وتوهيمهم بأن الحضارة والتقدم واستقرار كرسي الحكم يمر بالضرورة عبر أمريكا، أي عبر إسرائيل. لكن من يدري أن "الدويلة المصطنعة المكشرة عن أنيابها يهددها شبح التدمير الذاتي. فهي ليست سوى عصابة من العشائر المتنافرة. كما تهددها ضخامة ترسانتها النووية التي قد تشعل فتيلها نزوة زعيم ذُهاني أو هيجان قادة عسكريين قد يحرضون الحكومة على التحرك، مما يعمق القلق الداخلي ويضاعف انزعاجنا." [35]
خصهم الله بكل صنوف الرذيلة والفحشاء، يقول الحبر شامويل روث في كتاب عنوانه: "لا بد لليهود أن يعيشوا": "تفصح الدعوات اليهودية عن الذنوب التالي ذكرُها والتي تُغفر لليهود بلا شرط في يوم عيد كيبور: الذنوب المقترفة بشهوة الأقارب، التجمعات التي يختلط فيها النساء والرجال في الظلام، ظلم الجيران، الاعترافات المزورة، العنف، الإنكار والكذب، إعطاء الرشوة وتلقيها، الغيبة، التكبر، خلع الحياء، الفوضى، الجَدَل، غدر الجار، النميمة، الحلِف الكاذب، سرقة الأموال، خيانة الأموال".
الباب مفتوح لليهود على مصراعيه للرذيلة والفحشاء. وهم لعنهم الله في كتبهم يقرأون الفرية الكبيرة على أنبياء الله، يقصون كيف زنى النبي فلان بابنته بعد أن سكر. فالزنا بالأخوات والبنات والأمهات مغفور في شريعتهم التلمودية لعنهم الله.
وهم تجار الفحشاء في العالم باعترافهم. في مجلة "العالم اليهودي" 2 أبريل 1910 ما يلي: "إن دور اليهود في ترويج العاهرات وتصديرهن لمن أخبث الأفعال التي تلوث شعبنا" ! ...[36]

حُكم الله
وعلاقة المسلمين باليهود يحددها حُكم الله في وحيه المقدس أولا ثم ثتبتها السلوكات العدوانية المتجذرة في العقلية اليهودية على مر التاريخ البشري ويشهد بذلك كبار علماء ومفكري وفلاسفة العالم. ويظل الخطاب المنهاجي للأستاذ عبد السلام ياسين على تمام الوفاء لروح القرآن وتمام المطابقة لتعليمه، ينظر "من إزاء القرآن وبمنظار القرآن" دون إغفال ما راكمه التاريخ البشري من معطيات ووقائع وحِكم وحقائق حول طبيعة التفكير الصهيوني "ليكون حُكم الله فيهم (أي في اليهود) وغضبه عليهم ولعنته إياهم دستورنا في التعامل معهم" [37]
الأصل في الموقف من ظلم وكفر وعتو وإفساد اليهود هو موقف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أولا ثم الذين اتبعوهم واهتدوا بهديهم وساروا على منهاجهم. فطغيان وعلو الذين كفروا من بني إسرائيل تقابله مقاومة شرفاء البشرية وعلى رأسهم النبيئين والمرسلين والعلماء العاملين وكل المؤمنين الصادقين.

السلام الكوني
أما موقف الإسلام فقد كان واضحا منذ البداية حيث حدد القرآن الكريم حُكم الله في العاقين من بني إسرائيل: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [38] ، يقول الأستاذ ياسين: "نحن نرحب بكل تعاون مع الذين " ﴿ قالوا إنا نصارى﴾ إذا ما استثنينا الجدل اللاهوتي العقيم. فلنعرض إذن عن نقطة الخلاف هاته ولنجلس معا لتدارس الوضع العالمي الحالي، و مناقشة السبل الكفيلة بتنقيته إذا ما تضافرت جهود ذوي النيات الحسنة. فرغم أن لَوْنَ سماءينا ليس واحداً، إلا أن أرضنا واحدة، وفوقها نعالج مشاكل عاجلة: البؤس المادي والمعنوي، والإفساد الذي يمارس على البيئة، ومصير الأطفال والأقليات ثم الحروب، والقائمة طويلة. "فلنجلس معاً لمعالجة هذه المشاكل، علنا نمتِّعُ كل بلد في العالم، كل شعب بل كل إنسان بل كل كائن بالإحسان العالمي، بالسلام الكوني، بمحبة الآخر، بكل فضيلة يحض عليها شرعنا ويأمر بها كتابكم. " "ألم يستقبل النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أتباع عيسى عليه السلام القادمين من نجران؟ ألم يؤوهم في مسجده الشريف، ثاني الحرمين، و يقعد معهم يحاورهم على تربته الطاهرة؟ " "في كتابنا آيات تتلى وستظل تتلى إلى قيام الساعة تحضنا على المعاملة الحسنة للذين قالوا إنا نصارى، لكن فيه آيات أخرى تحذرنا من كل جاحد كفور خاصة إذا كان يهوديا" [39]

ابتلاء أمة
لا يملك العقلاء إلا أن ينددوا بما فعله هتلر في حق اليهود "لأن إهدار دم ضحية بريئة واحدة -يهودية كانت أم غير يهودية- مرفوض في ديننا الإسلامي" [40] مثلما لا تسعف أهل المروءة من العالمين أخلاقهم وعقلانيتهم أن يسكتوا عن جرائم اليهود في حق المسلمين. وما أبشعها من جرائم. هتلر ظالم واليهود أظلم وأطغى.
لقد أيقن الصهاينة منذ البداية أن سكّان فلسطين يرفضون التخلي الطوعي عن الأرض ، لذلك ومنذ بداي
شكرا لتعليقك